ماتوا وهم ينتظرون رغيف الخبز .. غزة تنزف والعالم يلتزم الصمت
العقبة اليوم الإخباري- في تطور مأساوي جديد يؤكد تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، أُعلن عن استشهاد العشرات من الفلسطينيين خلال الساعات الماضية أثناء انتظارهم استلام المساعدات الإنسانية، وسط اتهامات متصاعدة لإسرائيل باستخدام التجويع كسلاح في الحرب المستمرة، ضمن سياسة تُعتبر بموجب القانون الدولي “جريمة ضد الإنسانية”.
وذكرت وزارة الصحة في غزة أن ما لا يقل عن 67 فلسطينيًا استُشهدوا برصاص الجيش الإسرائيلي في شمال القطاع أثناء محاولتهم الوصول إلى مساعدات غذائية، في واحدة من أكثر الحوادث دموية منذ بدء الحرب. كما أشارت مصادر طبية إلى استشهاد 20 مدنيًا آخرين في حوادث مشابهة بمناطق متفرقة في غزة، وذلك بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز.
وفي تصريح لافت، اتهمت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إسرائيل بـ”قتل المدنيين بالمجاعة”، مؤكدة أن ما يقارب مليون طفل في غزة معرضون لخطر الموت بسبب نقص الغذاء الحاد. واعتبرت الأونروا أن “ما يجري ليس مجرد حصار بل هو إبادة بطيئة”، ودعت إلى تدخل دولي عاجل لإنقاذ السكان المدنيين.
من جهتها، قالت منظمة العفو الدولية (Amnesty) إن لديها أدلة متزايدة على أن إسرائيل تستخدم “التجويع كسلاح ممنهج لإضعاف المجتمع الفلسطيني”، مشيرة إلى أن منع دخول الغذاء والدواء واستهداف نقاط توزيع المساعدات يمثل خرقًا صريحًا لاتفاقيات جنيف، وقد يرقى إلى جريمة إبادة جماعية.
وأكدت المنظمة في بيان أن السياسات الحالية تشكّل “منهجًا متعمّدًا لتجويع السكان كوسيلة للضغط السياسي والعسكري”، وطالبت الأمم المتحدة بإرسال لجنة تحقيق مستقلة إلى غزة لتوثيق هذه الانتهاكات.
رغم تصاعد المجازر واستمرار الحصار الخانق، لم تصدر أي إدانات صريحة من الدول الكبرى، فيما اكتفت بعض الدول الغربية بالدعوة إلى “ضبط النفس” و”تسهيل دخول المساعدات”.
ووصفت أونروا هذا الموقف بأنه “صمت مريب” و”تواطؤ غير مباشر” على معاناة ملايين المدنيين.
وأفادت تقارير صادرة عن الصليب الأحمر الدولي وبرنامج الأغذية العالمي أن مناطق واسعة من شمال غزة تعيش على وجبة واحدة يوميًا أو أقل، في ظل انهيار الخدمات الصحية ونفاد الوقود والماء الصالح للشرب، وهو ما يهدد بانتشار الأوبئة بين مئات الآلاف من النازحين.
وطالبت أكثر من 25 منظمة حقوقية، بينها أطباء بلا حدود وهيومن رايتس ووتش، المجتمع الدولي بتشكيل لجنة تحقيق فورية، وإحالة ملف الانتهاكات في غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية، مؤكدين أن “ما يحدث في غزة ليس مجرد أزمة إنسانية، بل هو فصل مظلم في التاريخ الحديث، يتطلب استجابة قانونية وأخلاقية عاجلة”.
وقالت المقررة الأممية للأراضي الفلسطينية في تصريحات للجزيرة إن الأوضاع في قطاع غزة لا يمكن وصفها بالكلمات، مؤكدة أن المجاعة هناك وصلت إلى ذروتها. وأكدت أن نية إسرائيل هي محو الفلسطينيين في القطاع، وأن المجتمع الدولي يكافئ إسرائيل على ما ترتكبه من إبادة جماعية. ودعت إلى وقف الكارثة التي تحدث في غزة، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تواجهان أي معارضة حقيقية.
وأوضحت أن آلية توزيع الطعام في غزة تعتمد على القتل، معتبرة ذلك مشروعًا إجراميًا. من جهته، قال المتحدث الإقليمي باسم اليونيسف إن غزة تعيش واقعًا مأساويًا وباتت مقبرة للأطفال بسبب تخاذل المجتمع الدولي، مؤكداً أن الحصار والتضييق على إدخال المساعدات يسهمان في زيادة الوفيات، وأن إسرائيل ترفض العديد من طلبات إدخال المساعدات، مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني في القطاع.