سباق النجوم.. توم كروز وبراد بيت بين “المهمة المستحيلة” و”فورمولا 1″

4

استعدّ الجميع لإلقاء كلمات الوداع لجيل النجوم الذين ظهروا في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين؛ نجوم مثل توم كروز، وبراد بيت، وجورج كلوني، وغيرهم، إذ لم يعودوا – في رأي البعض – مناسبين لبطولة الأفلام اليوم، بعدما تغيّرت شريحة المشاهدين، وحان الوقت لدخولهم مرحلة “التاريخ” وتعاقب الأجيال الحتمي.

بيد أن عام 2025 أتى ليغيّر الدفّة ويخبرنا أن هؤلاء النجوم لم ينتهوا بعد، بل أغلقوا فصلًا من حياتهم المهنية، ليبدأ فصل جديد مختلف وناجح.

تعرض دور السينما حاليًا فيلمين لاثنين من هؤلاء النجوم: الأول هو “المهمة المستحيلة” (Mission Impossible)، والآخر – الأحدث ومحل حديثنا اليوم – هو “فورمولا 1” (F1) من بطولة براد بيت.


سباق جديد لبراد بيت

“فورمولا 1” من إخراج جوزيف كوسينسكي، الذي أخرج سابقًا فيلم “توب غن: مافريك” (Top Gun: Maverick). يشارك براد بيت البطولة كل من دامسون إيدريس، وخافيير بارديم، وكيري كوندون.

وتدور أحداث الفيلم في إطار درامي رياضي، وتم تصويره جزئيًا في سباقات “فورمولا 1” الحقيقية حول العالم. وتحكي القصة عن سوني هايز (براد بيت)، وهو سائق سابق لسباقات “فورمولا 1″، اعتزل بعد حادثة خطيرة كادت أن تودي بحياته. عانى لاحقًا من إدمان القمار، وعاد بعدها إلى التسابق في سباقات محلية محدودة الأهمية والشهرة، ويعيش حياته يومًا بيوم.

تأتيه دعوة من صديقه روبين (خافيير بارديم) للعودة إلى “فورمولا 1” لمرة أخيرة، لإنقاذ فريق روبين الذي يعاني من ضعف النتائج. ولن يقتصر دوره على العودة كسائق فقط، بل سيكون أيضًا مدربًا ومرشدًا للسائق الشاب الموهوب جوشوا بيرس (دامسون إيدريس).

ولم تقتصر شخصية سوني هايز على دور راعي البقر الوحيد، أو الرجل في منتصف العمر الذي يشعر بالضياع بعدما تحطمت أحلامه مبكرًا، بل تجاوزت ذلك. فهو يرى في جوشوا بيرس مرآةً لماضيه؛ فالشاب الذي يبلغ نفس عمر سوني حين أصيب في حادثة “فورمولا 1″، عانى من اليتم مثله، ويحمل نفس الموهبة والطموح والاندفاع. لذلك، لم ينجرف إلى منافسته كما رغب الشاب، بل اختار دورًا مختلفًا: المعلم الذي ينقل له خبراته ويعاونه على تجاوز أخطر مرحلة في مسيرته.

وتتشابه هذه الفكرة إلى حد كبير مع ما قدمه توم كروز في فيلم “توب غن: مافريك”، حيث نجد الشخصية التي لا تزال بارعة في حرفتها – بل الأبرع – ولكن حان الوقت لتمرير هذه الخبرات إلى الجيل الأصغر، الأمر الذي يهدد ثقة البطل بنفسه، وقد تحوّل من نجم إلى شخصية ناضجة تصلح لأن تكون معلّمة أكثر من كونها مصدرًا للإعجاب.

هذا الدرس تحديدًا هو ما تعلّمه كل من توم كروز وبراد بيت، وأنقذ مسيرتيهما من النقطة المفصلية التي تعثّر عندها كثير من النجوم السابقين. فقد استطاعا تجاوزها حين أدركا أنهما لن يقدرا على لعب دور الرجل الوسيم والخطِر إلى الأبد، بل هما بحاجة لاختيار أدوار مختلفة. هذه الأدوار بالذات هي ما سمحت لهما بالاستمرار في المنافسة على شباك التذاكر العالمي حتى اليوم.


فيلم يستحق العرض السينمائي

استحوذت شركة آبل على حقوق التوزيع ضمن صفقة عملاقة، بينما حصلت شركة “وارنر برذرز بيكتشرز” (Warner Bros. Pictures) على حقوق التوزيع السينمائي. وسيُعرض الفيلم لاحقًا على منصة “آبل تي في بلس” (Apple TV+)، ليصبح بذلك من أكبر الأفلام التي تحصل على هذا العرض المزدوج. فالجميع يعرف الآن أن مآل الأفلام هو المنصات، لكن الاتفاقية أوضحت أن الفيلم سيُعرض على آبل لاحقًا، وهو متاح حاليًا ليس فقط في صالات السينما، بل أيضًا بتقنية عرض “آيماكس”.

ويُتيح ذلك للمتفرجين الاستمتاع بتجربة سينمائية كاملة، وقد تم تصويره بتقنية الآيماكس، وفي حلبات السباق الحقيقية لسباقات “فورمولا 1″، وكانت تلك الحلبات لا تزال تعمل أثناء التصوير، مما يعني أن المشاهد لم تكن مصطنعة أو معتمدة على تقنيات المؤثرات البصرية “سي جي آي” (CGI)، بل سباقًا حقيقيًا.

كما صرّح صُنّاع الفيلم في أكثر من لقاء بأنهم حرصوا على تقديم تجربة بصرية “تجعل المتفرج يشعر وكأنه في قلب الحلبة”، وقد بدا ذلك واضحًا في طريقة التصوير، خاصة في اللقطات التي تم التقاطها من داخل سيارات السباق.

ومن العوامل التي زادت من قيمة الفيلم بشكل كبير الموسيقى التصويرية، من تأليف هانز زيمر، أحد أبرز مؤلفي الموسيقى التصويرية في هوليوود، والذي اشتهر بابتكاراته السمعية التي جمعت بين الأوركسترا الكلاسيكية والتكنولوجيا الحديثة. ويتجلّى ذلك بوضوح في موسيقى “فورمولا 1″، حيث لعبت موسيقاه دورًا محوريًا في تعزيز الأثر الدرامي والإثارة، بالإضافة إلى مجموعة الأغاني المتنوعة في شريط الصوت التي أداها عدد من أهم المغنين المعاصرين.


ختامًا، فيلم “فورمولا 1″، رغم نهايته المتوقعة وتصاعده الدرامي المألوف في أفلام سباقات السيارات، قدّم للمتفرج تجربة سمعية وبصرية مميزة، إلى جانب أداء تمثيلي ممتاز وتشويق متقن. هو بلا شك أحد أبرز أفلام عام 2025 حتى الآن.

قد يعجبك ايضا