القاهرة والأمن القومي العربي
المحامي بدر الهروط
في ظل استباحة المنطقة العربية من القوى الدولية و الإقليمية ، لابد من خلق توازن عربي لمواجهة هذا التهديد الوجودي للدولة الوطنية العربية ،خصوصا ما يطلق عليها دول الطوق او المواجهة(الاردن سوريا لبنان مصر)، ودول الخليج العربي.
و الحقيقة أن جمهورية مصر العربية تمثل الثقل السكاني و الجفرافي الاهم في المنطقة العربية ،و تمتلك قوة عسكرية بخبرة سياسية عميقة يمكنها من إحداث توازن في الإقليم ، فقد استطاعت القاهرة من صيانة ووحدة الأراضي المصرية في كل المراحل التي عصفت بالمنطقة العربية ، و استطاعت استثمار الدعم العربي الخليجي في تحديث الجيش المصري بكافة أصنافه البري و البحري و الجوي .
يبقى الحسم في أن تتبنى القيادة السياسية المصرية رؤية شاملة للمنطقة تتوازن بها المصالح ،و تتوازن بها قوة الردع والصد ضمن عمل عربي مشترك ، و ان تدرك العواصم العربية ضرورة ان تقوم القاهرة بدرورها في فرض هذا الواقع ، و الاعتراف بقيادة القاهرة في هذه المرحلة الحرجة من عمر المنطقة ، و على الملف الفلسطيني بكافة عناوينه السياسية ان ينهي حالة الانقسام و ان يعود لعمقه العربي ، بعيداً عن صراع الأدوار و النفوذ التي عبثت به عواصم الإقليم و بعض عواصم العربية .
أثبت العدوان الإسرائيلي على الدوحة انه لايوجد ضمانات من الراعي الامريكي الذي يدعم الإسرائيلي بشكل مطلق ولا يراعي اي مصالح لدول المنطقة ،وأن جميع الهرولات خلف التطبيع عبر الاتفاقيات عابرة للأديان والتعاون الأمني ،لن يحد من مشروع التوسع الإسرائيلي المدعوم باطماع الادارة الامريكية بثروات المنطقة خصوصا النفط و الغاز .
إن المال و الثروة يجب ان يسخّرا لصالح بناء قوة عسكرية ترتكز على ثقل بشري يستطيع تحمل كلف المواجهة و ثقل نوعي يؤمن بالتضحية و الكفاح ، وإن تدرك بعض العواصم العربية بأن دولة الرفاه لا تستطيع أن تبني انساناً و لا تحمي وطناً بشكل مستدام ، ولا تعترف بأن هناك دولاً لها خبرة عميقة و قادرة على التأثير و لا احد يستطيع أن يقفز عنها و هي مصر في ظل هذه التحديات الكبرى لإعادة التوازن في المنطقة وصياغة الأمن القومي العربي ، و هذا ما يجب أن تخرج به القمة المقرر إقامتها في الدوحة .