خطوط بيضاء.. وسائقون يصرون على الفوضى!

عمران السكران

226

يبدو أن الأزمة المرورية في عمّان قررت أن تأخذ “استراحة محارب”  في الطريق بين دوار الداخلية إلى جسر عبدون، والفضل يعود إلى خطوط الطلاء البيضاء التي وضعتها أمانة عمان الكبرى، كأنها تقول: “ها قد وضعنا لكم حارات.. فالتزموا بها إن استطعتم”.

المشهد لافت؛ سيارات مصطفة في صفوف شبه مستقيمة، ومركبات تسير بخطوط متوازية، شيء لا يُرى عادة إلا في أحلام السائقين الجدد ليلة الامتحان، فجأة، صار الشارع منظمًا، والحارات واضحة، وكأن الأزمة المرورية أو التعدي على مسارك من سائقين أخرين تنتظر فقط علبة دهان كي تُحل.

لكن الطلاء وحده لا يكفي، رغم أمنياتنا أن تزين كل شوارعنا، فالثقافة المرورية ما زالت تعاني من عقدة “أنا أولاً”، حيث يظن بعض السائقين أنه وحده في الطريق يلتف كما يشاء ويغير مسربه كما يريد دون أي إنذار أو التلطف بغمزة، لظنه أن المسارات وجدت لتزيين الشارع، وأن الحارة مجرد اقتراح غير ملزم، والبعض يحوّل الحارة إلى مسار شخصي، وينظر إلى الآخرين باعتبارهم مجرد عقبات، هذه العقلية السبب الرئيسي الذي يجعل الأزمة تستمر رغم كل الجهود الرسمية.

ومع ذلك، لا يمكن تجاهل أن جهود الأمانة جاءت خطوة في الاتجاه الصحيح، المدن لا تُدار بالدعاء أو الكلمات الرنانة، بل بحاجة إلى بنية تحتية مدروسة: شوارع واسعة، وجسور محسوبة، وإشارات مرور واضحة، وتخطيط الشوارع بدهانات تدوم، أما العنصر الحاسم فهو الالتزام الشخصي للسائق، الذي يحدد نجاح أي خطة تنظيمية أو فنية.

الأزمة المرورية تشبه مباراة كرة قدم بين السائقين والبنية التحتية، الأمانة رسمت الخطوط، وأصبحت الحارات واضحة، وبقي على السائقين أن يتوقفوا عن لعب “الفوضى المنظمة” ويفهموا أن الطريق ليس ملعبًا خاصًا، وأيضا عدم التعدي عند إشارات المرور على حارات الأخرين حين تخضر عين الإشارة، حينها فقط قد نصحو صباحًا لنجد أن السير في عمّان أصبح أقل توتراً وأكثر انسيابية، وأن الحل يكمن دائمًا في التوازن بين التخطيط الجيد والتزام الناس بالقوانين ورفع ثقافته المرورية إلى جيد، لا نريد أكثر من ذلك.

وخلاصة القول: الانضباط الحقيقي يبدأ من السائق نفسه، فالحل ليس فقط في رسم الحارات، بل في أن يفهم كل سائق أن الطريق ليس ملعبه الخاص، وأن احترام القوانين يحميه ويحمي الآخرين، وحتى حين تلتزم البنية التحتية بأفضل المعايير، فإن غياب الالتزام الشخصي يجعل من كل جهد رسمي مجرد “خطوط بيضاء على ورق أسود”.

قد يعجبك ايضا