علماء يعيدون إنشاء أول جزيء في الكون ويكشفون سرًّا عمره 13 مليار سنة

63

العقبة اليوم- في إنجاز علمي غير مسبوق، نجح فريق بحثي من معهد ماكس بلانك للفيزياء النووية في هايدلبرغ بألمانيا في إعادة إنشاء أول جزيء تكوّن في الكون، وهو أيون هيدريد الهيليوم، كاشفًا عن دوره المحوري في نشأة النجوم الأولى بعد الانفجار العظيم.

هذا الاكتشاف يعيد رسم جزء مهم من قصة تشكل الكون، إذ يوضح كيف ساعد هذا الجزيء البسيط في تبريد الكون بما يكفي للسماح بتكوّن النجوم، وهو لغز حيّر علماء الفلك والفيزياء الكونية لأكثر من 13 مليار سنة.

وفقًا للدراسة، فإن الكون بعد الانفجار العظيم الذي وقع قبل نحو 13.8 مليار سنة، كان شديد الحرارة والكثافة. وبعد ثوانٍ معدودة فقط، تكوّنت العناصر الأولى، وهي الهيدروجين والهيليوم، لكنها كانت ما تزال متأينة بالكامل. احتاج الكون إلى نحو 380 ألف سنة ليبرد بالقدر الكافي لتتشكل الذرات المحايدة، وهو ما فتح الباب أمام التفاعلات الكيميائية الأولى.

الجزيء الأقدم المعروف هو أيون هيدريد الهيليوم، الذي ينشأ من اتحاد ذرة هيليوم محايدة مع بروتون هيدروجين. هذا التفاعل يمثل الخطوة الأولى في تكوين الهيدروجين الجزيئي (H2)، وهو أكثر الجزيئات شيوعًا في الكون، والذي لعب دورًا رئيسيًا في تكوين النجوم الأولى خلال الحقبة التي عُرفت بـ “العصور المظلمة” الكونية.

وخلال هذه المرحلة المبكرة، كانت قدرة الغيوم الغازية على الانهيار لتشكيل النجوم تتطلب فقدان الحرارة. وهنا لعب هيدريد الهيليوم محوريًا بفضل قدرته الفريدة على إصدار الفوتونات عند درجات حرارة منخفضة، ما ساعد الكون على التبريد وفتح الطريق أمام ولادة النجوم.

الفريق البحثي أعاد إنشاء هذا التفاعل لأول مرة باستخدام حلقة التخزين المبردة (CSR) في معهد ماكس بلانك، والتي تتيح دراسة التفاعلات الجزيئية تحت ظروف شبيهة بالفضاء. تم تخزين أيونات هيدريد الهيليوم  عند درجات حرارة تقترب من الصفر المطلق (-267 مئوية)، ثم صُوبت عليها حزم من ذرات الديوتيريوم لدراسة معدل التفاعل عند مستويات طاقة منخفضة تحاكي ظروف الكون المبكر.

المفاجأة أن التفاعل ظل فعالًا حتى عند انخفاض درجات الحرارة، بعكس التوقعات النظرية السابقة التي رجحت تباطؤه. ويقول الدكتور هولغر كريكل من المعهد: “أظهرت تجاربنا وحساباتنا النظرية الحديثة أن هذه التفاعلات كانت أكثر أهمية بكثير في كيمياء الكون المبكر مما كنا نظن.”

هذا الإنجاز العلمي يُقرّب الباحثين خطوة كبيرة نحو حل لغز تكوين النجوم الأولى، ويسلط الضوء على الدور الحيوي للجزيئات البسيطة مثل هيدريد الهيليوم في رحلة تحول الكون من الظلام إلى الضوء.

قد يعجبك ايضا