تصاعد الضغوط الأميركية لوقف إطلاق النار في غزة وسط تفاقم الأزمة الإنسانية

تواصلت الضغوط الدولية على الأطراف المتنازعة في قطاع غزة، حيث دعا البيت الأبيض مجددًا إلى وقف إطلاق نار فوري، مؤكدًا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب “يريد إحلال السلام في الشرق الأوسط”، وحثّ حركة حماس على قبول المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار، وفق بيان رسمي.

لكن على الأرض، تشهد غزة تصعيدًا غير مسبوق. فقد أعلنت مصادر طبية عن استشهاد 58 فلسطينيًا في غارات إسرائيلية مكثفة منذ فجر اليوم، بينهم 26 في مدينة غزة وشمال القطاع. واستُهدفت مناطق مكتظة بالنازحين، أبرزها خيمة في المواصي غرب خان يونس وموقع شمالي مخيم النصيرات، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى، وفق ما أفادت به مستشفيات العودة وشهداء الأقصى.

في الأثناء، حذّرت إدارات المستشفيات في القطاع من “كارثة صحية وشيكة”، بعد إعلان مستشفى شهداء الأقصى قرب نفاد الوقود وتوقف المولد الرئيسي، ما يهدد حياة مئات المرضى. وأكدت إدارة المستشفى أن أكثر من نصف مليون إنسان في المحافظة الوسطى مهددون بفقدان الخدمات الصحية، في ظل صمت دولي وتراجع الاستجابة الإنسانية.

واشنطن وتل أبيب: التنسيق العسكري والاستخباراتي مستمر
في سياق موازٍ، كشفت مصادر لموقع “أكسيوس” أن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر أبلغ مسؤولين أميركيين خلال زيارته لواشنطن بأن إسرائيل ترى في الولايات المتحدة شريكًا أساسيًا لأي تصعيد محتمل ضد إيران، لا سيما إذا ما تجاوزت طهران ما تعتبره واشنطن “الخطوط الحمراء”.

ونقل الموقع عن مصادر مطلعة أن ديرمر بحث مع مسؤولين أميركيين ملف تخصيب اليورانيوم الإيراني، وأبلغهم أن إسرائيل تعتقد أن إدارة ترامب لا تزال متمسكة بمبدأ “صفر تخصيب” داخل الأراضي الإيرانية. كما أكد أن الدعم الأميركي لضربات إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية قد يُمنح “ضمن ظروف محددة”.

وأشار تقرير “أكسيوس” إلى أن أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية تواصل مراقبة المواقع النووية الثلاثة الرئيسية في إيران، والتي يُعتقد أن اليورانيوم عالي التخصيب معزول داخلها حاليًا.

مخاوف تجسسية ونجاحات أمنية في غزة
من جانبها، كشفت كتائب أمنية تابعة لحماس عن ضبط أجهزة تجسس متقدمة زرعها الاحتلال في مواقع مختلفة بقطاع غزة. وصرّح مسؤول أمني للجزيرة بأن طائرات إسرائيلية مسيّرة من طراز “كواد كابتر” زرعت أجهزة تنصت مموهة وسط الركام، بعضها يعمل بالاستشعار الحركي والبث الليلي، فيما وُجد أحدها داخل ساحة مستشفى.

وأشار المصدر إلى نجاح مهندسي المقاومة في تفكيك أحد الأجهزة المفخخة واستخدام البعض الآخر لأغراض عسكرية واستخبارية، داعيًا إلى رفع مستوى اليقظة الأمنية في صفوف المدنيين.

كارثة إنسانية: الجوع والنزوح ينهشان غزة
وفيما يتزايد الضغط على القطاع، حذر برنامج الأغذية العالمي من تفاقم الأزمة الإنسانية، مشيرًا إلى أن “واحدًا من كل ثلاثة أشخاص في غزة لا يحصل على الطعام لعدة أيام”، وأن أكثر من 700 ألف شخص نزحوا منذ انهيار وقف إطلاق النار في 18 مارس.

وأكد البرنامج أن لديه القدرة على توفير الغذاء للجميع، لكنه ربط ذلك بضرورة “فتح جميع الطرق البرية ووقف إطلاق النار فورًا”.

صوت معارض في واشنطن: ساندرز ينتقد الدعم الأميركي لإسرائيل
وفي تطور لافت، هاجم السيناتور الأميركي بيرني ساندرز الرئيسين ترامب وبايدن على منصة “إكس”، معتبرًا أن “البيت الأبيض سيرحب اليوم بمجرم حرب مدان من المحكمة الجنائية الدولية”، في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأكد ساندرز أن كلا الإدارتين “ساعدتا حكومة الاحتلال المتطرفة في قتل وتجويع المدنيين بغزة”.

خلاصة المشهد:
بينما تؤكد واشنطن تمسكها بالحلول الدبلوماسية، تبدو الوقائع الميدانية مغايرة، حيث تتزايد المخاوف من اتساع رقعة الحرب، وتتصاعد المأساة الإنسانية في قطاع غزة، وسط تدهور حاد في الخدمات الصحية والغذائية، واستمرار القصف، وتعثر جهود التهدئة.