تحضر فلسطين ويغيب الفلسطينيون

فيصل الشبول

52

‏يحضر الظالم ويغيب المظلوم عن مهرجان الشرعية الدولية الثمانين، يحضر القاتل مستَقويًا ببلد المقر، ويغيب صاحب الحق بقرار من بلد المقر أيضًا، تحضر فلسطين ويغيب الفلسطينيون.
‏في نيويورك، تبدأ غدًا اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى جدول أعمالها هموم العالم وآمال البشرية: حروب وأزمات اقتصادية وإنسانية وحقوق مؤجلة وأخرى تضيع.
‏نيويورك القابعة في ما وراء البحار، اختارها منتصرو الحرب العالمية الثانية قبل 80 عامًا مقرًا للأمم المتحدة، النسخة الأكثر عدالة من خلفها «عصبة الأمم»، لتكون رمزا للعدالة والسلام العالمي، لا مكان فيها لغالب ومغلوب، وليس في ميثاقها ما يسمح بالاحتلال والقهر والقتل والتدمير والظلم.
‏في المهرجان السنوي يلقي الرئيس الأمريكي (بلد المقر) عادةً كلمته في اليوم الأول، بل ويكون أول المتحدثين على الأغلب. ومن على منبر السلام العالمي سيتحدث الرئيس الأمريكي، الذي غير للتو مسمى وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب، من موقع القوة الذي تتمتع به بلاده لتحقيق أوهام السلام حول العالم ولو بمنطق إخضاع الآخرين. سلام يتوهم أنه سيؤهله لجائزة نوبل.
‏ومن على المنبر ذاته سيتحدث قادة الاحتلال المتطرفون من منطق المظلومية التاريخية، سيلعبون دور الضحية وسيبدون رغبتهم بالسلام، أما القتل والدمار والتجويع فليست سوى دفاع عن النفس، دفاع عن «حق إسرائيل في الوجود».
‏في القاعات المجاورة سيعقد مؤتمر عالمي للإعتراف بالدولة الفلسطينية، ستحضر غالبية دول العالم وتغيب الولايات المتحدة وإسرائيل، وستغيب فلسطين قسرا.
‏رغم الزخم العالمي الكبير دعمًا للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في دولته المستقلة، إلا أن الولايات المتحدة لا تريد اعترافًا (من جانب واحد)، على اعتبار أن الغالبية العظمى من دول العالم ستشكل جانبًا واحدًا ما دامت الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا جزءًا منه.
‏أما وزير خارجية الإحتلال فقد استبق اجتماعات نيويورك بالقول إن الدولة الفلسطينية تكون فقط بإتفاق الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، أي بقرار إسرائيلي فقط.
‏بناء الزخم العالمي، ولا سيما الأوروبي، مفيد في نيويورك، والإعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة مهمة حتى وإن أنكرت الإدارة الأمريكية وإسرائيل أهمية مثل هذه الخطوة، سيلقي هذا الزخم عبئًا جديدًا على الرئيس الأمريكي الذي لم يحقق معظم وعوده لناخبيه في العام الأول من رئاسته تقريبًا.
‏وستدرك الإدارة الأمريكية والمؤسسات السيادية الأمريكية أن المضي في دعم الإحتلال والقتل والتدمير ومحاولات التهجير لن تؤدي سوى إلى مزيد من الحقد والكراهية حول العالم، ستدفع واشنطن ثمنه عاجلًا أم آجلًا في بيئة عالمية بدأت تتغير حتى داخل الولايات المتحدة ذاتها.

(الدستور)

قد يعجبك ايضا