أمران خطيران لا يتجاهلهما الأردن
راكان السعايدة
أمران خطيران، في تقديري، لا يمكن للأردن أن يتجاهلهما أو يتجاوزهما تحت أي ظرف أو مبرر، لما يشكلانه من مساس مباشر بأمنه القومي، وربما بمستقبل وجوده ذاته.
أولًا: قرار “الكنيست” الإسرائيلي دعوة حكومة الاحتلال إلى فرض السيادة وضم الضفة الغربية، بما فيها غور الأردن، أو ما يُعرف صهيونيًا بـ”يهودا والسامرة”.
ثانيًا: وهو مرتبط ارتباطًا عضويًا بما سبق، المشروع الصهيوني لإنشاء ما يُسمى بـ”ممر داود”، الممتد من الضفة الغربية، مرورًا بجنوب سوريا المحاذي للأردن، وصولًا إلى كردستان العراق.
هذان المشروعان يشكلان تهديدًا وجوديًا مباشرًا للدولة الأردنية، من زاويتين بالغتي الخطورة:
من جهة، خطر التهجير القسري للفلسطينيين من الضفة الغربية باتجاه الأردن، ومن جهة أخرى، التمدد الصهيوني المباشر على الحدود الشمالية، عبر جنوب سوريا، بما يغير طبيعة التوازن الإقليمي ويضع الأردن أمام وقائع أمنية وجيوسياسية بالغة الحرج.
إسرائيل، التي تُخطط وتتحرك بدعم وتنسيق واضحين مع إدارة أميركية ذات طابع “ترامبي”، لا تقيم اعتبارًا لمصالح الأردن، بل تنظر إليه باعتباره “لاعبًا وظيفيًا” ضمن ترتيبات أكبر، محكومة بمنطق القوة والغلبة لا القانون والشرعية.
لذلك، ودون الخوض في التفاصيل العميقة في هذه المرحلة، أضع على الطاولة خيارًا أردنيًا مشروعًا، قد يكون كفيلًا بإرباك هذه المخططات، وربما تعطيلها:
إذا بلغ الخطر مداه، وبات ماثلًا وجوديًا على الأردن، فلا بد من دخول الجيش الأردني جنوب سوريا، تحت أي مبرر، وبالتنسيق الكامل مع الدولة السورية.. سوريا التي تواجه هي الأخرى خطر التقسيم.
إن هذا التحرك لا يعبر فقط عن موقف دفاعي، بل يمثل مصلحة استراتيجية أردنية–سورية مشتركة لا تحتمل التأجيل. وهو أيضًا، وبواقعية سياسية، قد يتم بطلب سوري مباشر لحفظ الأمن في الجنوب، وبما يقطع الطريق على أي تدخل إسرائيلي يستهدف وحدة سوريا، التي تعد ضرورة لبقاء الأردن متماسكًا ومستقرًا.
وفي موازاة هذا المسار، ينبغي على الأردن التحرك سياسيًا على كل المستويات، الشعبية والرسمية، المحلية والإقليمية والدولية، لإفشال مشروع ضم الضفة الغربية، وليس أقل من ذلك دعم صمود ابناء الضفة بكل الأشكال.
وربما يكون الدفع باتجاه إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة هو المدخل الأنسب، عبر تحرك دبلوماسي تقوده عمّان والقاهرة، ويُبنى على قرار فرنسا المرتقب بالاعتراف بدولة فلسطين في أيلول المقبل.
إن مستقبل الدولة الأردنية، بحدودها وهويتها، لا يحتمل ترف الانتظار أو التراخي، ولا المراهنة على علاقة مع كيان لا يعترف إلا بالقوة، ولا مع حليف استراتيجي يرى مصالحه فوق مصالح الجميع.
“إسرائيل الكبرى” مشروع مفتوح يريد أن يبتلع الكثير، إن لم يجد من يوقفه ويردعه.