شمسٌ تطفو فوق الماء… الأردن يختبر مستقبل الطاقة في سد الملك طلال

68


شمسٌ تطفو فوق الماءالأردن يختبر مستقبل الطاقة في سد الملك طلال

العقبة الإخباري-

في صباحٍ تخلله غيوم مرتفعة فوق جبال جرش، كان سطح سد الملك طلال يموج  كمرآةٍ واسعة تعكس ضوء الشمس الخريفي. لكن ما يلفت النظر ليس إنعكاس السماء،بل تلك الألواح الزرقاء التي تطفو على صفحة الماء كأنها جزيرة صغيرة صممت لتلتقطالضوء وتحمي الماء في آن واحد.

هنا، على هذا السد الحيوي الذي يختزن مياهًا تُغذّي آلاف الدونمات من الأراضيالزراعية، تختبر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وسلطة وادي الأردنتقنية قد تغيّر مستقبل الطاقة والمياه في المملكة: الألواح الشمسية العائمة المبرّدةبالماء.

إبتكار يولد من حاجة

الأردن من أكثر دول العالم فقراً بمصادر المياه، وقطاع المياه فيه يستهلك جزءًا كبيرًامن الطاقة. وبين الحاجة الملحّة للتوفير وإرتفاع درجات الحرارة عامًا بعد عام، تبحثالمؤسسات عن حلول تمنح الأمل وتخفف الأعباء.

وسط هذه التحديات، بدأ مشروع “خفض التكاليف من خلال تحسين كفاءة أنظمةالطاقة الشمسية العائمة” كفكرة جريئة: إذا وُضعت الألواح فوق الماء، فهل يمكن أنتبرد طبيعيًا وتنتج طاقة أكثر؟ وهل يمكن أن تظلل الماء فتحميه من التبخر؟.

البيانات الأولى تقول: نعم

منذ أغسطس 2025 وحتى مطلع نوفمبر، ولّد النظام التجريبي أكثر من 730 كيلوواط/ساعة من الكهرباء، تُستخدم لتشغيل مرافق سلطة وادي الأردن. والأهم أن الدراساتالأولية تشير إلى زيادة في كفاءة التوليد تتراوح بين 5 و15% مقارنة بالألواح الأرضية.

2 / 3

أما على مستوى المياه، فالأثر قد يكون أكبر: فبفضل الظل الذي توفره الألواح، يمكنتقليل التبخر بنسبة تصل إلى 90%.

ويرى الخبراء أن أنظمة الطاقة الشمسية العائمة يمكن أن تصبح جزءًا من التحولالأخضر في الأردن، خاصة في ظل محدودية الأراضي وتزايد الطلب على المياه والطاقة.

زيارة تكشف المستقبل

في زيارة ميدانية نظمتها الفاو وسلطة وادي الاردن، وقف ممثلو السفارات والوزاراتوالباحثون المحليون على سطح السد، يشاهدون الألواح العائمة عن قرب. كانت أشعةالشمس تضرب المياه، فيما كانت المراوح الصغيرة وأجهزة الاستشعار تستمر في جمعالبيانات التي ستحدد مستقبل التقنية في الأردن.

المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للفاو للشرق الأدنى وشمال أفريقيا، الدكتورعبد الحكيم الواعر قال أن المشروع “يجسد نموذجًا للتعاون المثمر بين المؤسساتالوطنية والمنظمات الدولية لدعم إدارة الطاقة والمياه بكفاءة وتحقيق الأمن الغذائيوالمائي.

ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في الأردن المهندس  نبيلعسّاف، لفت إلى أن :”هذا النموذج يقدم حلًا مزدوج الفائدة. نزيد إنتاج الطاقة، ونقللفاقد المياه. إنه مثال عملي على التكيف مع تغير المناخ.

من جهته، أكد أمين سلطة وادي الآردن المهندس هشام الحيصة وهو يشير إلى هيكلالنظام العائم أن هذا النظام  أصبح جزءًا من توجهات السلطة لخفض كلفة الطاقة التيتشكل نحو 20% من التشغيل في قطاع المياه. وأضاف:”نختبر اليوم نموذجًا يمكن أنيتحول غدًا إلى مشروع وطني واسع.

من جانبه، أوضح أمين عام وزارة الزراعة المهندس محمد الحياري” أن المشروع يعززتوجهات الوزارة نحو التوسع في الطاقة النظيفة في الري والإنتاج الزراعي”.

3 / 3

رؤية أبعد من الألواح والمياه

لا يتوقف المشروع عند حدود سد الملك طلال؛ إنه خطوة في مسار طويل. فنتائجهستُستخدم لبناء مخططات فنية ودراسات جدوى لإمكانية نشر الأنظمة العائمة فيسدود أخرى، وتعزيز الأمنين المائي والطاقة، وتخفيف انبعاثات الكربون.

وعلى سطح السد، حيث تلتقي الشمس بالماء، يبدو المستقبل أكثر وضوحًا: تقنيةبسيطةبأثر كبيرقد تغيّر كيف نحصد الطاقة وكيف نحمي الماء.

قد يعجبك ايضا