الأردن: حصاد الأمطار يروي العطش في محافظات الجنوب

14

مشروع “بناء القدرة على التكيف مع التغير المناخي” يغيّر حياة الأسر في المرتفعاتالجنوبية

 العقبة الإخباري –

الطفيلة   

في القادسية بمحافظة الطفيلة، يقف إبراهيم السلايمة، رجل خمسيني، أمام بئرهالمنزلي الجديد، يراقب الغيوم علّها تتجمع في السماء.

و بإبتسامة مليئة بالأمل يقول “المياه لا تصلنا إلا كل 17 يوماً، وإن وصلت تكون ضعيفةلأننا نسكن في منطقة مرتفعة. اليوم نحن جاهزون لاستقبال الموسم المطريومتفائلون أن يكون جيداً حتى نملأ البئر الجديد ونستخدمه في أعمال المنزل، وريالأشجار.

إبراهيم واحد من عشرات المستفيدين من مشروع “بناء القدرة على التكيف مع تغيرالمناخ في الأردن من خلال تحسين كفاءة استخدام المياه في قطاع الزراعة(BRCCJ)”،الذي تنفذه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بالتعاون مع وزارات المياهوالري والزراعة، والبيئة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP والممول منصندوق المناخ الأخضر (GCF).

 

من المعاناة إلى الأمل

 

على مدى سنوات، واجهت الأسر في مرتفعات الطفيلة تحديات كبيرة في الحصول علىالمياه. إنقطاع طويل، ضعف في الضخ، وإعتماد مكلف على صهاريج المياه الخاصة.

لكن مع إطلاق “الحصاد المائي” ضمن مشروع بناء القدرة على التكيف، يتغيّر الواقعتدريجياً.

يقول محمد الزيادين من بصيرا “المياه التي تصل من البلدية لا تكفينا بسبب موقعناالمرتفع. وبفضل المشروع، أصبح لدينا بئر بسعة 22 متراً مكعباً لتجميع مياه الأمطارمن سطح المنزل عبر مزراب وأنابيب بسيطة، الآن ننتظر الشتاء بثقة، لأننا سنستفيد منكل قطرة مطر”.

 

الأثر المجتمعي: من تجربة فردية إلى وعي جماعي

في غرندل، يتحدث إبراهيم محمد عن تحوّل كبير في حياة أسرته:”نحصل على المياهمرة كل 20 يوماً فقط ولمدة 24 ساعة. البئر الذي حصلنا عليه من المشروع أصبحمصدراً مهماً للمياه في الصيف، لري الحديقة المزروعة بالأشجار المثمرة. بعد أن شاهدالجيران النتائج، بدأ الجميع يرغب في التقدم للحصول على بئر مماثل.

تؤكد هذه الشهادات ما رصده مهندسو وزارة المياه والري، حيث شهدت المناطقالمستهدفة زيادة في الوعي المجتمعي بأهمية حصاد مياه الأمطار كحلّ عمليومستدام للتعامل مع ندرة المياه الناتجة عن التغير المناخي.

بنية تحتية صغيرة… وأثر كبير

 

منذ انطلاق المشروع، تم تنفيذ 114 بئراً منزلية في محافظة الطفيلة ضمن خطة أوسعتشمل تجهيز 400 مبنى عام و7850 أسرة بأنظمة حصاد مياه الأمطارفي محافظاتالبحر الميت وهي بالإضافة للطفيلة: الكرك و معان و مأدبا.

ويشير المهندس قيس الخزاعلة من وزارة المياه والري إلى أن فرق الوزارة تنفذ زياراتميدانية أسبوعية لمتابعة عمل المقاولين وضمان مطابقة المواصفات الفنية، مضيفاًأن جميع الآبار خضعت لتجارب تخزين وفحوصات تسرب لضمان سلامتها واستدامتها.

 

شراكة من أجل المناخ

 

يأتي هذا المشروع في إطار رؤية الأردن للتنمية المستدامة ومواجهة آثار التغيرالمناخي، إذ تُعد المحافظات الأربع الواقعة ضمن حوض البحر الميت من أكثر المناطقتعرضاً للإجهاد المائي.

وتبلغ القيمة الإجمالية للمشروع 33.25 مليون دولار أمريكي، ويهدف إلى تعزيز صمودالمجتمعات الزراعية وتحسين كفاءة إدارة المياه في مواجهة تحديات المناخ.

 

أثر ملموس نحو أهداف التنمية المستدامة

من خلال بناء آبار حصاد مياه الأمطار، يساهم المشروع في تحقيق عدد من أهدافالتنمية المستدامة:الهدف 6: ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميعوإدارتها إدارة مستدامة. والهدف 13: اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخوآثاره. والهدف 15: حماية النظم الإيكولوجية البرية واستخدامها على نحو مستدام.

 

المطر… مورد متجدد وأمل دائم

يقول أبو طلال، أحد المستفيدين في قصبة الطفيلة:”كنا نشتري صهاريج المياهأسبوعياً لتلبية احتياجاتنا المنزلية وري الاشجار التي تحيط بالمنزل. الآن أصبح لديناخزان خضع لكل الفحوصات اللازمة، ونحن ننتظر المطر بفارغ الصبر.

في تلك القرى، لم تعد الأمطار حدثاً عابراً، بل أصبحت فرصة للحياة.

ومن خلال التعاون بين المجتمعات المحلية والمؤسسات الوطنية والدولية، يتحولحصاد المطر إلى قصة نجاح أردنية تلهم المجتمعات الأخرى في مواجهة التغيرالمناخي بوعي واستدامة وأمل.

 

قد يعجبك ايضا