مبادرة الداخلية لتنظيم المناسبات الاجتماعية

12

مبادرة الداخلية لتنظيم المناسبات الاجتماعية

كتب علي السنيد:

    مبادرة وطنية طيبة طرحتها وزارة الداخلية من خلال وزيرها للنقاش المجتمعي العامحيال المناسبات الاجتماعية ، وامكانية احداث التغيير المطلوب بهدف التخفيف علىالمجتمع الاردني، وانتشاله من الغرق في المظاهر الاجتماعية، والاستعراض الاجتماعيالذي تجاوز كل الحدود، وقدرة الناس على الاحتمال، وتبدى ذلك في مناسبات الافراح،والاتراح، وتحرك الجاهات التي تسبق الزواج.

وقد ضاق المجتمع الاردني الذي ينوء بكلف الحياة ذرعا من الزيادة المتصاعدة فيفاتورة المناسبات الاجتماعية التي تتواصل في كافة ارجاء الاردن.

وكنت قد دعوت في اكثر من مناسبة ، ومقال لي قبل مدة قصيرة  الى اخذ زمامالمبادرة لمراجعة منظومة العادات والتقاليد الاردنية، وبما يراعي روح العصر، ويخففمن وطأة العادات الاجتماعية على العوائل الاردنية المثقلة بتكاليف الحياة. وهذا مالمسته في تواصلي المستمر مع الناس، والذين باتوا يطلقون نداء استغاثة لاحداثالتغيير.

وكنت اشرت الى ضرورة ان تقوم مستشارية العشائر وبالشراكة مع وجهاء المجتمعالاردني لاعادة النظر في السائد والموروث وللوصول الى توافق وطني، وطرح وثيقةللمجتمع الاردني تتضمن التوافقات المطلوبة حيال هذه العادات ، والتي اصبحت تثقلكاهل الاردنيين، وتفرض قيودا تمنعهم من التحرر،  وبلا طائل منها.

ولعل الجاهات هي التعبير الابرز على الاستعراض الاجتماعي ،  وحيث تتحرك مئاتالسيارات من محافظة الى اخرى بهذا الغرض، ويقابلهم المئات ايضا من الطرفالمقابل، ويتم التسبب بالاكتظاظ على الشوارع ، وقد يستغرق هذا المشهد اليومبطوله، ويضيع وقت الناس ، وما يلحقه من كلف حجز الصالات ، وتقديم الضيافة بالافالدنانير،  وغالبا ما يكون عقد القران قد كتب مسبقا.

وصدقا فنحن في غنى عن تواصل مشاهد الامتناع عن شرب فنجان القهوة حتى يجابالطلب بالقبول ، ويتبارى السياسيون في القاء الخطب لهذا الغرض امام مرأى الحضور،ويكون عقد القران قد تم منذ مدة.

وتنظيم عملية عقد القران واقتصارها على عدد محدود او في اطار عائلي بحت يخلصالمجتمع من  المظاهر الاجتماعية غير اللازمة التي استجدت في العقود الاخيرة،وتضخمت في اعدادها.

وحيث كان غرض الجاهات في منظومة التقاليد الاردنية هو تحصيل الموافقة بالايجابمن خلال تكريم الوجهاء، وعدم ردهم خائبين، والذين كانوا يتدخلون عندما تتعسرالامور بين الطرفين، ولم تكن هذه الاجراءات فقط شكلية.

وفي مناسبات الاتراح يمكن الرجوع للشرع الحنيف ، وتصويب واقعنا على ضوءتوجيهاته، ويستطيع علماء الدين افادة المجتمع حيال الطعام العام الذي يضطر اهلالمتوفى الى تقديمه للمشيعيين، وقد يكونون بالالاف، او المئات.

وقد اطلعت على عوائل استدانت لاقامة مراسم العزاء ، وبقي ابناؤها يسددون التكاليفلسنوات عديدة بعد ذلك.

ولا شك ان مصيبة الموت تتواصل في كل البيوت، وسيبقى المجتمع يقيم مراسمخاصة بهذا الموقف الحزين، ومن المهم التخفيف على اهل المصاب باختصار مدةالعزاء التي يكتنفها تقديم واجب الضيافة، او الاكتفاء بالتعزية على المقبرة ، وهنالكمبادرات مجتمعية عديدة سعت الى ذلك في كل المحافظات، وتم تقليص ايام العزاءالى يومين في عدة مناطق في الاردن.

وهي تنطلق من نوايا سليمة ، وذات اهداف نبيلة، وتستهدف التقليل من التكاليف التيتلحق باهل المصاب نتيجة تواصل ايام العزاء.

وفي مناسبات الزواج ، والدعوات التي تنطلق لحضورها، واقامة وليمة عامة بهذاالغرض، او تقديم الحلويات في الحفل العام المقام بهذه المناسبة فلا بأس منالتخفيف على العروسين، وكي تبدأ حياتهما في ظروف اكثر انسانية.

ولا اظن ان التقليل من المراسم بهذه المناسبة ، واختصار التكاليف الا يصب في صالحتسهيل اجراءات الزواج على الشباب الاردني، والتحاقهم بقاطرة الحياة، وهو هدفوطني نبيل يجب التشجيع عليه.

وعلى العموم هي مبادرة للتغيير الاجتماعي ، ودعوة للمجتمع للافاقة من ازدحامبرنامجه الاجتماعي والذهاب إلى حياة اقل تعقيدا.

ووقف الهدر في الطعام المتواصل في كل مناسباتنا العامة.

ويظل الامر محكوما بمدى تجاوب الناس مع المبادرات التي تسعى الى تطوير واقعهم.

ولا شك ان المنظومة الاجتماعية تحتاج الى المراجعة على ضوء تطورات الحياة، وهذالا يمثل بأي شكل من الاشكال مساً بالعادات والتقاليد، وانما لتطوير هذه العاداتوتطويعها مع الزمن ، ولضرورة التجاوب مع روح العصر، ووقف حالة التفاخر الاجتماعيالتي صعبت طريقة العيش على الناس.

ونحن مدعون للحوار بروح طيبة، وان نضع مصلحة المجتمع فوق كل اعتبار، وان نشيعفكرا مستنيرا يخلصنا من المعاناة التي تكتنف كثيرا من اوجه حياتنا العامة.

قد يعجبك ايضا